قصص

من التحديث الإنساني الصادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لشهري يناير و فبراير 2024

بعد حوالي عقد من الصراع، ما يزال قطاع التعليم في اليمن متضرراً بشكل كبير. يفتقر الأطفال إلى إمكانية الحصول على التعليم الجيد بسبب النزوح المتكرر، والأضرار التي لحقت بالمرافق المدرسية، ونقص الموارد التعليمية، وانعدام الأمن على نطاق واسع.

وفقا لوثيقة النظرة العامة على الإحتياجات الإنسانية، فإن أكثر من 4.5 مليون طفل يمني في عمر الدراسة ( من 5 إلى 17 عاما) لا يذهبون للمدارس حالياً.  بالنسبة للطلاب، وخاصة الأطفال النازحين، تمثل الفصول الدراسية المكتظة وغير المُجهزة والتي يتقاضى فيها المعلمون أجوراً منخفضة تحديات شائعة.

ابحسب البيانات في أكتوبر 2023 م، فإن 2,426 مدرسة قد تضررت جزئيا أو كليا أو لا تعمل لأنها تستخدم للمأوى أو لأغراض أخرى غير تعليمية... وعلاوة على ذلك، فإن المدارس المؤقتة التي تعمل كبدائل للمدارس تعاني من بنية تحتية متهالكة و لا تلبي الاحتياجات التعليمية الكاملة للأطفال. إن ضمان توافر الفرص التعليمية الآمنة أمر بالغ الأهمية لاستعادة الشعور بالحياة الطبيعية والاستمرارية بالنسبة لهم.

وفي الساحل الغربي، أصبحت الحاجة إلى المساعدات التعليمية مُلِحة للغاية. حيث أعاق الصراع والانهيار الاقتصادي قدرة السلطات على الوفاء بالتزاماتها بتوفير التعليم للأطفال. الفتيان و الفتيات الذين هم في سن الدراسة يحتاجون  الآن بشدة إلى الدعم للعودة إلى الدراسة.

من أجل تعزيز قدرة الأطفال المتضررين من الأزمات على الصمود، تُنفذ المنظمة الدولية للهجرة حلولاً مستدامة من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية العامة، بما في ذلك المدارس والمرافق الصحية والبنية التحتية للمياه في مواقع النازحين في مختلف أنحاء الساحل الغربي.

 تهدف أنشطة إعادة تأهيل البُنى التحتية للمدارس والمياه، الممولة جزئياً من صندوق التمويل الإنساني في اليمن ومن الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، إلى تلبية الاحتياجات الأكثر أهمية وإلى تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال تزويد كل من النازحين والمجتمعات المستضيفة بحلول دائمة، وآمنة، ومناسبة، وكريمة.

ضمان وجود بيئة مدرسية تكاملية يسهُل الوصول إليها

في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2023، قامت المنظمة الدولية للهجرة بإعادة تأهيل مدرسة الفوز، وقامت ببناء ثلاثة فصول دراسية جديدة في موقع الدهيوي للنازحين بمديرية الخوخة جنوب الحديدة. كما حصلت المدرسة على مكاتب وكراسي وطاولات جديدة، وتم تجهيزها بنظام الطاقة الشمسية للإضاءة ومراوح تهوية، ونظام الإذاعة المدرسية الداخلي.

 ومع هذه التحسينات، ستتمكن المدرسة من تقديم خدمات تعليمية آمنة ومنصفة وعالية الجودة لعدد450 طفلاً من المجتمع المستضيف ومواقع النزوح المجاورة.

منطقة الخوخة تستوعب 173 أسرة (أو 842 فرداً). تهدف مُبادرة الفصول الدراسية الإضافية والتعليم الشامل إلى الحد من الإقصاء الاجتماعي الذي يُعاني منه الأطفال النازحون في كثير من الأحيان وإلى التخفيف من ارتفاع مُعدل التسرب الذي تواجهه الأسر النازحة عندما تكون الموارد المجتمعية محدودة.

تم افتتاح المدارس التي تم إعادة تأهيلها في ديسمبر 2023. وأثناء الافتتاح، أشادت السلطات بالمنظمة الدولية للهجرة لاستثمارها في مستقبل الجيل القادم، وتعزيز السلام واستكمال جهود الحكومة المحلية من خلال تسهيل الوصول إلى التعليم الرسمي.

كان محمد، البالغ من العمر اثني عشر عاماً، والذي يقيم في موقع الدهيوي للنازحين، غير منتظم في الدراسة لعدة سنوات، مثله مثل العديد من الأطفال الآخرين في المنطقة.

ويروي قائلاً: "لم نتمكن من الذهاب إلى المدرسة لأنه لم تكن هناك مدارس قريبة، ولم يكن السير إلى المدارس البعيدة آمناً". حيث تشكل المرافق التعليمية التي لا تضمن السلامة والطرق غير الآمنة المؤدية إليها مصدر قلق كبير للأسر، مما يؤدي إلى معدل كبير للتسرب بين الفتيان والفتيات على حد سواء.

تقدم المدرسة االتي تم إعادة تأهيلها لمحمد وأصدقائه فرصة للتعليم. تحدث محمد باعتزاز عن الفصول الدراسية الجديدة والصداقات الجديدة التي اكتسبها والشعور بالأمان الذي يشُعر به الآن أثناء وجوده في المدرسة. لقد أشتعل الطموح بداخلة من جديد.

يقول محمد: "عندما أكبر، أريد أن أصبح طبيباً وأعالج الناس، وخاصة الأطفال".

لقد أعادت المدرسة التعليم إلى حياته وستعمل على تعزيز مجتمع نابض بالحياة له و لأصدقائه. إضافة إلى ذلك، يشارك الأطفال  الآن بانتظام في كافة الأنشطة المدرسية، كما أن محمد لديه المزيد من الأصدقاء بعدما عاد إلى المدرسة.

أصوات كثيرة من المجتمع تردد نفس المشاعر  التي لدى محمد.

أحمد، وهو أحد المعلمين في المدرسة، أثنى على المشروع لأنه عالج مخاوف المجتمع المتعلقة بالسلامة بشكل فعال ودعم استمرارية التعليم للأطفال. واعتبر عبد الله، عضو اللجنة التعليمية المجتمعية، أن الفصول الدراسية الجديدة تتيح للطلاب مواصلة تعليمهم الرسمي و هي إضافة قيمة إلى العملية التدريسية.

وبالنسبة له، قد غرس هذا المشروع شعوراً بالأمل لدى الأطفال الضعفاء وأسرهم.

التعليم للبالغين

خلال المشاورات المجتمعية مع النساء النازحات في عدة مواقع، تم تحديد الحاجة إلى برنامج محو أمية الكبار. وكثيرا ما تُعيق أوجه عدم المساواة حصول النساء والفتيات على الخدمات الأساسية، مما يؤدي إلى نشوء فجوة كبيرة بين الجنسين في معرفة القراءة والكتابة والتعليم الأساسي. كما يؤدي الافتقار إلى التعليم إلى تفاقم انعدام الأمن الاقتصادي، وخاصة بين الأسر التي تُعليها نساء.

وبالتعاون مع مكتب التعليم تقوم المنظمة الدولية للهجرة بتنفيذ برنامج محو أمية البالغين للنساء في ثمانية مواقع للنازحين، حيث تتطوع المعلمات لتعليم القراءة والكتابة للكبار، و حتى الآن حضرت 438 امرأة إلى هذه الفصول. ويهدف البرنامج إلى مساعدة النساء على تطوير مهارات جديدة وزيادة ثقتهن بأنفسهن مع توفير مساحة تواصل لهن. وقد شجعت النساء بعضهن البعض على تسجيل أطفالهن في المدارس.

تقول إقليم، وهي امرأة نازحة شاركت في فصول محو الأمية للكبار في أبو زاهر: "التعليم مهم للغاية وأنا سعيدة للغاية لأني انضممت إلى هذا البرنامج لأن معظمنا من المناطق الريفية ولم يكن بإمكاننا القراءة من قبل."

وأعربت إقليم ونساء أخريات في أبو زاهر عن حرصهن على مواصلة تجربتهن التعليمية وأملهن في استمرار برنامج محو الأمية.

كما أدت أنشطة إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الرئيسية إلى تحسين الوصول إلى الخدمات المُنقذة للأرواح لكل من المجتمعات المستضيفة والنازحة المتضررة من الصراع على الساحل الغربي. هذا النهج الذي يركز على الاحتياجات الشاملة للمجتمعات، يُلبي الاحتياجات الفورية للمجتمعات كما أنه يعزز من قدرة المجتمعات على الصمود والتماسك الاجتماعي.