قصص
بقلم :
  • سحر الشوافي | مساعدة الجرافيكس في المنظمة الدولية للهجرة

مأرب - "تساورني مشاعر مختلطة من السعادة والحزن اليوم" ، هكذا تحدث عبدي وهو يستعد لرحلة طال انتظارها إلى وطنه انطلاقاً من مأرب وهي منطقة متضررة من الصراع في اليمن حيث تقطعت السبل بآلاف المهاجرين بين الخطوط الأمامية. 

قبل بضعة أشهر، كان عبدي من أوائل المهاجرين الذين شقوا طريقهم من مأرب عائدين إلى إثيوبيا في رحلة العودة الطوعية الإنسانية التي نفذتها المنظمة الدولية للهجرة. منذ شهر مايو وحتى الآن  عاد 534 مهاجراً إثيوبياً إلى بلادهم بعد أن قضوا شهور، وأحياناً سنوات في مأرب.  

قبل عام واحد، قرر عبدي، الذي كان مزارع في إثيوبيا، أن يجرب حظه في الوصول إلى المملكة العربية السعودية للحصول على فرص معيشية أفضل مما يمكن أن يجده في وطنه. 

قال عبدي "قررت أن أقوم برحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر إلى اليمن مع مجموعة من أصدقائي على أمل الوصول إلى المملكة العربية السعودية"  

لم يكن عبدي على دراية بالمخاطر والعقبات العديدة الكامنة على طول الطريق، بما في ذلك الجوع والغرق والصراع المستمر في اليمن. 

فجأة وفي عرض البحر توقف محرك القارب عن العمل وسيطر الخوف على عبدي وأصدقائه. وبعد فترة طويلة وشاقة، وصل القارب أخيراً إلى شواطئ اليمن. 

حال وصولهم إلى اليابسة، يجد المهاجرون في اليمن أنفسهم عالقين في مناطق نزاع نشط حيث يتم تقييد حريتهم في التنقل. ويعاني الكثير من الابتزاز والعنف والسُخرة على أيدي شبكات التهريب القوية والقاسية أثناء السفر عبر البلاد. 

وصل بعض أصدقاء عبدي إلى وجهتهم، لكنه لم يصل أبداً. بدلاً من ذلك، قضى عبدي شهوراً وهو عالق في مأرب حيث التقى في النهاية بهيلاني*، وهي امرأة إثيوبية كانت في وضع مماثل لوضعه. وحينها قررا الزواج وتكوين أسرة، وبعد فترة وجيزة أنجبوا ابنتهم سيناف*. 

بعد ميلاد سيناف، أصبح عبدي قلق بشكل متزايد حيال قدرته على الوصول إلى الخدمات الأساسية في مأرب والتحرك بحرية فيها. وعانى لفترة من الوقت لمعرفة ما يخبئه المستقبل لعائلته في اليمن.  

وأضاف عبدي "السفر عبر الصحراء لا يناسب الأطفال".  

عندما سمع عبدي عن رحلات العودة الطوعية الإنسانية للمهاجرين الإثيوبيين، رأى أنها فرصة للهروب من الظروف القاسية التي كان يواجهها هو وعائلته الجديدة.

احدى موظفات المنظمة الدولية للهجرة تُساعد مهاجراً في الحصول على وثائق السفر التي يحتاجها قبل المغادرة من مأرب. الصورة/ إلهام العقبي/ المنظمة الدولية للهجرة في اليمن 2022.

وقال عبدي أثناء الصعود على متن الطائرة "رحلات العودة هذه حيوية بالنسبة للمهاجرين، وخاصة النساء" وأضاف "نحن سعداء جدًا لإتاحة هذه الفرصة لنا للعودة إلى الوطن". 

"أعتقد أن بلدي هو المكان الذي سيحصل فيه أطفالي على تعليم ومستقبل جيدين" أضاف عبدي.

عبدي مع زوجته وابنته ذات الثلاث أشهر وهم يتحضرون لمغادرة مأرب. الصورة/ إلهام العقبي/ المنظمة الدولية للهجرة في اليمن 2022.

"إلى جانب شعوري بالسعادة، أنا حزين أيضاً لأني لم أستطع تحقيق هدفي وها أنا أعود إلى وطني خالي الوفاض. لستُ متأكداً من أن عائلتي ستكون سعيدة باستقبالي، لكنني أعلم أن بلدي سَيُسعَد بذلك". 

مثل العديد من المهاجرين، خاطر عبدي بحياته من أجل مستقبل أفضل. وبعد مواجهة مخاطر لا يمكن تصورها في رحلته، يأمل الآن أن يتمكن من إيجاد الفرص وعيش حياة أكثر أماناً في موطنه.

مهاجرون عالقون يتجهزون للمغادرة عبر رحلة عودة طوعية إنسانية من مأرب. الصورة/ إلهام العقبي/ المنظمة الدولية للهجرة في اليمن 2022.

رحلات العودة الطوعية التي تنفذها المنظمة الدولية للهجرة من مأرب أصبحت ممكنة بفضل التمويل المقدم من مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.

* تم تغيير جميع الأسماء.