قصص
بقلم :
  • سحر الشوافي | مساعدة الجرافيكس في المنظمة الدولية للهجرة في اليمن
  • تحرير: آنجيلا ويلز | مسؤولة الإعلام والتواصل في المنظمة الدولية للهجرة في اليمن

صنعاء – "كانت رحلتي إلى اليمن صعبة للغاية. مشينا لأيام حتى اهترأت أحذيتنا وملابسنا." هذا ما قالته أمينة* وهي تتذكر الرحلة الشاقة التي بدأتها منذ أكثر من عام بعد أن حصلت على وعود كاذبة بتحقيق أرباح طائلة ومستوى معيشي أفضل في دول الخليج.

أمينة هي واحدة من بين أكثر من 800 مهاجر إثيوبي عادوا طواعية وبأمان إلى بلادهم على متن رحلات جوية بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

ويمثل برنامج العودة الإنسانية الطوعية التابع للمنظمة الدولية للهجرة شريان حياة للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في مختلف أنحاء البلاد.

وكما هو الحال مع معظم المهاجرين الذين يسافرون على هذا الطريق، لم تكن أمينة على دراية بالمخاطر التي ستواجهها عندما تصل إلى اليمن، كالاستغلال والابتزاز والظروف المعيشية القاسية، من بين أمور أخرى.

فقد غادرت منزلها في إثيوبيا مع زوجها، ظلا معاً حتى وصلا إلى جيبوتي حيث افترقا هناك بسبب قيام المتاجرين بالبشر بوضع كل منهما في مجموعة سفر مختلفة. منذ ذلك الحين، أصبحت رحلتها صعبة بشكل لا يمكن تصوره.

وتستذكر أمينة متحدثةً من مأوى مدعوم من المنظمة الدولية للهجرة: "قاموا بإذابة البلاستيك على جلودنا لإجبار عائلاتنا على إرسال الأموال. عندما اتصلت بأسرتي، لم يستطع أحد مساعدتي."

هنا، التقت أمينة بمارساني*، مهاجرةٌ أخرى عادت إلى بلدها على متن رحلة انطلقت الشهر الماضي بعد أن مرت بتجربة ابتزاز مروعة.

كانت مارساني تعمل كتاجرة، حيث تشتري وتبيع الملابس بين جيبوتي وإثيوبيا. وذات يوم صودرت بضاعتها وفقدت مصدر دخلها الوحيد. بدا أن السفر إلى الخليج للحصول على مصدر دخل هو الخيار التالي الأفضل بالنسبة لها.
 

أمينة تحزم حقائبها استعداداً للعودة إلى إثيوبيا على متن رحلة العودة الإنسانية الطوعية الممولة من مركز الملك سلمان. الصورة: سحر الشوافي/المنظمة الدولية للهجرة اليمن، 2023

قالت مرساني التي حملت أثناء احتجازها: "عندما وصلنا إلى عتق في اليمن، طلب المُتاجِرون بالبشر نقوداً، لكنني لم أستطع الدفع. لقد تعرضت للضرب وبقيت محتجزة مع مئات المهاجرين في فناء لمدة ثلاثة أشهر في ظروف صعبة وقاسية للغاية."

وبينما واصلت مارساني وأمينة رحلتيهما، ازدادت المخاطر التي تعترضهما. 

لم يكن لديهما المال لدفع المبالغ المتزايدة التي يطلبها المُتاجِرون بالبشر، واستمر تعرضهما للتعذيب والاستغلال، وفي النهاية أُجبِرتا للعمل في المنازل.

قالت أمينة: "بعد وصولي إلى عدن، تم نقلي إلى مأرب، حيث عملت كشغالة في منزل لمدة أربعة أشهر. وأخذ المتاجرون بالبشر كل المال الذي جنيته. لم أحصل على شيء منه."

ظلت أمينة متفائلة، وتأمل في إيجاد زوجها وتبحث عنه كل يوم. وعثرت أخيراً على رقم هاتفه من عائلته وتواصلت معه.

وأضافت أمينة: "اتصلت بزوجي. وقام بدفع المال حتى أتمكن من المغادرة. وانتقلت إلى المزرعة التي كان يعمل فيها، حتى نتمكن من العمل معاً لسداد ديوننا."

"كان الوضع مستقراً لبعض الوقت. وأنجبت طفلنا الأول، وكنت حاملاً بالطفل الثاني." كانت تشعر بالارتياح بعد لم شملها بزوجها.

وفي يوم ما، خرج زوجها ولم يعد. بحثت القرية بأكملها عنه، ولكن بعد فترة، قيل لها إنها لا تستطيع البقاء هناك بمفردها.

ولا تدري ما إذا كان زوجها حياً أم ميتاً.

"لم يكونوا ليسمحوا لامرأة حامل بالعمل بدون زوجها. لم أكن أعرف إلى أين أذهب وكيف أوفر احتياجات أطفالي الأساسية."

قال سكان القرية لأمينه أن تنتقل إلى صنعاء حيث يمكنها أن تجد الإغاثة من المنظمات الإنسانية أو الأشخاص في المدينة.

هناك، التقت بشخص يمني إثيوبي أراد المساعدة. استأجر لها غرفة ووفر لها ولطفليها الطعام.

كانت مارساني أيضاً تعيش تحت رعاية امرأة محلية قدمت لها يد العون.

كلتا المرأتان كانتا حاملتين وتكافحان لتغطية نفقاتهما. كانت ظروفهما الصحية تضعف، وكانتا بحاجة إلى مزيد من الدعم.

وعندما قصدتا المنظمة الدولية للهجرة، وجدتا العاملين الصحيين مستعدين لتقديم الرعاية وغيرهم من الموظفين الذين قدموا لهما المواد الأساسية التي يحتاجها أطفالهما.

مرساني تشرح رحلتها والمحنة التي مرت خلالها. الصورة: سحر الشوافي/المنظمة الدولية للهجرة اليمن، 2023

بعد تزويدهما بمعلومات حول برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمنظمة الدولية للهجرة، قررت كل من أمينة ومارساني أن أفضل خيار لهما هو العودة إلى وطنهما إثيوبيا.

وتم توفير الإقامة لهما في مكان آمن حتى يتم الترتيب للرحلة الجوية. في مارس، عادتا إلى وطنهما على متن رحلة جوية.

وقالت مارساني معبرةً عن آمالها في المستقبل: "لا أريد أن أكرر هذه التجربة الصعبة والخطيرة أبداً. أريد أن أعود إلى بلدي وأن أجد شخصاً يدعمني لاستئناف عملي السابق." 

فقد تمكن هذا العام أكثر من 3,200 مهاجر إثيوبي عالق في اليمن من السفر عبر رحلات العودة الإنسانية الطوعية المنقذة للحياة.

وبدعم من مانحين كمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تقوم المنظمة الدولية للهجرة بتسيير الرحلات الجوية، وتقديم الإرشاد النفسي والفحوصات الطبية قبل المغادرة، ودعم المهاجرين لتأمين الوثائق وضمان المرور والعبور الآمن.

عند وصولهم إلى إثيوبيا، يتم توفير الإقامة للمهاجرين العائدين في مركز العبور التابع للمنظمة الدولية للهجرة، وتزويدهم بالدعم النقدي للسفر إلى مجتمعاتهم الأصلية، بالإضافة إلى تقديم دعم لمِّ الشمل، والفحص الطبي والدعم النفسي الاجتماعي.

وتتماشى خدمات الحماية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة استجابةً لاحتياجات العائدين مع خطة الاستجابة الإقليمية للمهاجرين في القرن الأفريقي واليمن للعام 2023م. وتهدف خطة الاستجابة الإقليمية إلى تلبية احتياجات المهاجرين الذين يمرون بحالة ضعف والمجتمعات المستضيفة لهم في البلدان الواقعة على طول طريق الهجرة الشرقي بين القرن الأفريقي واليمن.

* تم تغيير الأسماء لأغراض الحماية.