قصص
بقلم :
  • ماجد محمد | مساعد أول للتواصل المرئي والسمعي في المنظمة الدولية للهجرة باليمن

تعز، اليمن – وسط التدفق المستمر للأشخاص الذين يطلبون المساعدة الطبية في مركز وادي عرفات الصحي الذي تم تجديده حديثاً في تعز، ينتظر الطفل علي، البالغ من العمر عاماً واحداً، بصبر مع والدته رقية*، على أمل الحصول على الدعم الصحي الضروري. الذي أصبح بمثابة شريان الحياة لأولئك الذين يبحرون في واقع النزوح المعقد.

وفي اليمن الذي مزقته الحرب، انهارت حياة رقية عندما وصل الصراع إلى قريتها في مديرية مقبنة. بعد أن اضطرت وهي أرملة إلى الفرار من منزلها مع أطفالها الخمسة، انطلقت في رحلة شاقة، تاركة كل شيء خلفها بحثاً عن الأمان وفرصة لمستقبل أفضل لأطفالها.

تقول رقية: "جئنا إلى الشمايتين بحثاً عن الحماية ومكاناً للعيش ". "لم أتمكن من العثور على أي مأوى في البداية، لكننا كنا محظوظين لأن الناس قدموا الدعم لي. ومع ذلك، كافحت لفترة طويلة لتوفير الغذاء والدواء لأطفالي."

وإلى جانب تحديات التكيف مع المجتمع الجديد وتوفير الضروريات الأساسية، كافحت السيدة البالغة من العمر 48 عاماً أيضا لتأمين الرعاية اللازمة لأطفالها، وخاصة ابنها الذي يعاني من مرض الكبد الذي يتطلب رعاية على مدار الساعة، وهو ما أضاف ضغوط هائلة على وضعها الصعب بالفعل.

تقدم البرامج الصحية الشاملة التي تنفذها المنظمة الدولية للهجرة في مركز وادي عرفات الصحي مجموعة واسعة من الخدمات الطبية، من الرعاية الأولية إلى العلاجات المتخصصة. تصوير: المنظمة الدولية للهجرة/رامي إبراهيم

أدت سنوات الصراع إلى انهيار كامل للبنية التحتية الصحية وتعطيل النظام الصحي في اليمن، مما ترك العديد من المجتمعات والأسر مثل عائلة رقية محرومين من الوصول إلى المرافق أو الخدمات الصحية المناسبة.

وتقول رقية: "عندما مرض أطفالي، لم يكن لدي أي خيارات لعلاجهم". "كان أقرب مركز صحي بعيداً جداً عن موقع النزوح الذي نعيش فيه. وعلى هذا النحو، كان عليً أن أعتمد على العلاجات المنزلية لمساعدتهم على التعافي."

تماماً مثل رقية وابنها، واجهت عائشة* أيضاً التحدي المتمثل في الحصول على دعم الرعاية الصحية الأساسية المنتظم لحفيدها علي البالغ من العمر عامين، بسبب سوء التغذية الحاد الذي يعاني منه.

تقول الجدة التي نزحت منذ أكثر من ثلاث سنوات: "اضطررنا إلى مغادرة منزلنا بسبب الصراع". "طوال هذا الوقت، لم نتمكن من الوصول إلى الخدمات الصحية وكانت الحياة صعبة للغاية."

وقد جعل نزوحهم من الصعب على الأسرة بأكملها، وخاصة  على الطفل علي، الحصول على المساعدات الطبية قبل إعادة تأهيل مركز وادي عرفات الصحي بواسطة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن.

بإمكان رقية والآلاف الآخرين مثلها الآن الحصول على الأدوية المجانية في مركز وادي عرفات الصحي. تصوير: المنظمة الدولية للهجرة/رامي إبراهيم

ومع وجود أكثر من 4.5 مليون نازح داخلياً وأكثر من 20 مليون شخص بحاجة إلى الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد، فإن الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية ما يزال يشكل عائقاً كبيراً أمام معظم المجتمعات النازحة. ويكون الأثر أكثر وضوحاً في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية في مأرب وعلى طول الساحل الغربي لليمن، على الرغم من أن هناك حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد.

"الناس هنا في حاجة ماسة إلى الرعاية الصحية،" يوضح الدكتور رفعت حسن، رئيس فريق الصحة التابع للمنظمة الدولية للهجرة في تعز. "لقد توقفت الخدمات في العديد من المناطق المتضررة من الصراع مع وجود عدد كبير من مخيمات النازحين."

على الرغم من المشاكل الأولية التي واجهتها رقية وعائشة، إلا أن تصميمهما على رعاية أطفالهما دفعهما إلى اكتشاف بصيص من الأمل في المركز الصحي الذي تم إعادة تأهيله حديثاً بدعم من المنظمة الدولية للهجرة في تعز.

تنفذ المنظمة الدولية للهجرة، بالتعاون  مع شركائها، برامج صحية شاملة في جميع أنحاء اليمن لضمان قدرة السكان الضعفاء على الوصول بسهولة إلى الخدمات الأساسية. ويشمل ذلك بناء وإعادة تأهيل مرافق مثل مرفق وادي عرفات، وتشغيل العيادات الطبية المتنقلة، وتدريب العاملين في مجال الصحة، وتوفير الرعاية الوقائية للحد من انتشار الأمراض، وتقديم مختلف الخدمات الأخرى.

واجهت عائلة الطفل علي عقبات في الحصول على الرعاية الصحية حتى اكتشفت الدعم الذي يقدمه مركز وادي عرفات الصحي في تعز. تصوير: المنظمة الدولية للهجرة/رامي إبراهيم

للاستجابة لنداء المجتمعات للحصول على الدعم الصحي، قامت المنظمة الدولية للهجرة بإعادة تأهيل مركز وادي عرفات الصحي في تعز، وتجهيز المرفق بالأثاث والأدوية والمعدات. حالياً، لا يقدم المركز الصحي خدمات الرعاية الصحية الأساسية فحسب، بل يضم أيضاً فريقاً من الأطباء والممرضات المُتفانين لخدمة سكان الشمايتين.

تقوم المنظمة الدولية للهجرة بتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية على تقديم الخدمات الصحية المناسبة، بما في ذلك خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي للأفراد الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى الإحالات الآمنة إلى الخدمات المتخصصة الأخرى.

من خلال العمل بالتنسيق الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان ومنظمة الصحة العالمية، توفر المنظمة الدولية للهجرة خدمات الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية الأولية والثانوية المُنقذة للحياة للنازحين داخلياً والمهاجرين وأفراد المجتمع المضيف.

تدعم المنظمة الدولية للهجرة الوزارة في تعزيز نظام الصحة العامة في اليمن من خلال إعادة تأهيل المرافق الصحية، ودعم دفع الحوافز الإضافية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وضمان تقديم إمدادات موثوقة من الأدوية الأساسية واللوازم والمعدات الطبية، وتوفير التدريب على بناء القدرات في مجال الرعاية الصحية وتقديم الدعم الفني.

وفي قلب مدينة تعز، يؤكد الدعم الذي تقدمه المنظمة الدولية للهجرة في مركز وادي عرفات الصحي على الاعتقاد بأن الرعاية الصحية هي حق عالمي من حقوق الإنسان. تصوير: المنظمة الدولية للهجرة/رامي إبراهيم

بعد وقت قصير من افتتاحه، أصبح المركز الصحي شريان حياة للكثيرين، بما في ذلك عائلة رقية والطفل علي، حيث يقدم المركز مساعدات سريعة لأي مشاكل صحية ناشئة. يخدم المركز أكثر من 15,000 ساكن في خمسة مواقع للنازحين داخلياً في ثلاث مديريات في تعز، ويعالج المركز التحديات المباشرة المتمثلة في الوصول إلى الرعاية الطبية الجيدة من خلال توفير الدعم الأساسي لكل من السكان المحليين والنازحين.

يقدم هذا المركز الصحي الجديد مجموعة شاملة من الخدمات الطبية، ويلبي الاحتياجات الصحية المتنوعة للمجتمع. من الرعاية الأولية وخدمات الطوارئ التوليدية والمختبر الطبي إلى التدابير الصحية الوقائية والعلاجات المتخصصة وجلسات التوعية والخدمات التشخيصية، دائماً يعج المركز بالنشاط.

تقول رقية: "لقد أدى هذا المكان إلى تحسين حياتنا بشكل كبير". "نحن نتلقى بانتظام الرعاية الصحية والأدوية المجانية، ولا داعي لأن للقلق بشأن قطع مسافات طويلة أو اللجوء إلى العلاجات التقليدية عندما يمرض أحد أطفالنا."

*تم تغيير أسماء الأشخاص لحماية هوياتهم.

اعادت المنظمة الدولية للهجرة تأهيل مركز وادي عرفات الصحي في تعز بمويل من حكومة اليابان.