قصص
بقلم :
  • كي فيراي | مسؤولة الإعلام والتواصل في المنظمة الدولية للهجرة بإثيوبيا

صنعاء / أديس أبابا ، 10 أبريل 2023 – كان حجي*، البالغ من العمر 23 عاماً، يرى أن فكرة السفر إلى الخارج للعمل تُمَثِّل فرصة ستغير من مسار حياته، حيث سيكون قادراً أخيراً على إعالة أسرته، ولكن سيتعين عليه خوض رحلة خطرة يسيرها المهربون.

سلك الكثيرون الطريق الشرقي من القرن الأفريقي إلى اليمن، وهو أحد أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وتعقيداً وخطورة في العالم. وفي ظل عدم ضمان الحصول على فرص العمل، اتخذ حجي قراره بالقيام بهذه الرحلة، على أمل أن يتمكن على الأقل من تأمين لقمة العيش لنفسه ولأسرته.

ويتذكر قائلاً: "لم تكن هناك فرص عمل في بلدي، لذلك قررت المغادرة وتحسين حياتي".

انضم حجي إلى أكثر من 73,000 مهاجر من القرن الأفريقي، سلكوا الطريق الشرقي وصولاً إلى اليمن عن طريق عبور البحر الأحمر إما من بوساسو في الصومال أو من مدينة أوبوك الساحلية في جيبوتي، ليسافروا بعدها براً عبر اليمن في طريقهم إلى دول الخليج بحثاً عن فرصٍ لتحسين حياتهم.

رتب حجي مع أحد المهربين لتسهيل رحلته من إثيوبيا إلى اليمن ومنها إلى المملكة العربية السعودية، وجهته المقصودة. وما حدث خلال الرحلة كان من شأنه أن يغير مجرى حياته. فالمهربون أنفسهم الذين دفع لهم حجي ورفاقه مقابل تسهيل الرحلة قاموا باستغلالهم وابتزازهم نظراً لضعفهم ووضعهم كمهاجرين غير نظاميين.

ويحكي حجي: "عندما وصلنا إلى اليمن، احتجزنا المهربون وطلبوا منا الاتصال بأصدقائنا وعائلاتنا لإرسال الأموال. لم يكن بإمكاني تقديم المزيد من النقود لهم، لذلك تعرضت للضرب، وأُجبِرت على العمل."

تقطعت السبل بعشرات الآلاف من المهاجرين في اليمن حيث أضحوا غير قادرين على عبور خطوط المواجهة الخطرة وغالباً ما يفتقرون إلى تأمين الاحتياجات الأساسية. ويتعرض معظمهم للعنف وسوء المعاملة بشكل لا يمكن تصوره.
 

أخيراً أُطلِق سراحه بعد وقوعه في شراك المهربين واستأنف رحلته. فقال وهو يذرف الدموع: "عند الحدود، دسست على لغم وفقدت إحدى ساقيّ."

قدمت المنظمة الدولية للهجرة في اليمن لحجي مكاناً آمناً للإقامة والراحة. وبعد مرور بعض الوقت، قرر العودة إلى وطنه في إثيوبيا من خلال برنامج العودة الإنسانية الطوعية التابع للمنظمة الدولية للهجرة. وكان من بين 127 مهاجراً إثيوبياً عالقاً تمت مساعدتهم على العودة الإنسانية الطوعية إلى ديارهم على متن رحلة من صنعاء إلى أديس أبابا في أكتوبر 2022.

ويتم مساعدة الآلاف من المهاجرين الإثيوبيين العالقين في اليمن، مثل حجي، على متن هذه الرحلات المنقذة للحياة من عدن وصنعاء ومأرب حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بطريقة آمنة وكريمة.

بالإضافة إلى الأشكال المختلفة للاتجار بالمهاجرين، يعاني المهاجرون أيضاً من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في فيها الاختطاف والتعذيب والتجويع والقتل المستهدف والعنف الجنسي.

وخلال رحلاتهم، غالباً ما يجد المهاجرون أنفسهم في أوضاع هشة – عالقون بين حرب محتدمة وانتهاكات لحقوق الإنسان – ويحتاجون إلى المساعدة المنقذة للحياة.

وفي عام 2022، ساعدت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 4,000 مهاجر على العودة إلى ديارهم على متن رحلات العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، وما تزال المنظمة تساعد الأشخاص على الخروج من المواقف الخطرة في عام 2023.

عند وصولهم إلى إثيوبيا، يتم إيواء المهاجرين العائدين في مركز العبور التابع للمنظمة الدولية للهجرة في أديس أبابا حيث يتلقون مساعدة ما بعد الوصول بما في ذلك الدعم الطبي ودعم الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي.

كجزء من دعم ما بعد الوصول، تلقى حجي مساعدة طبية من المنظمة الدولية للهجرة في إثيوبيا وتمت إحالته إلى عيادة متخصصة للحصول على ساق اصطناعية. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة، 2022/كاي فيراي

كما يتم مساعدة أولئك الذين هم على استعداد للسفر إلى عائلاتهم ومجتمعاتهم للقيام بذلك. وبالتعاون مع سلطات حماية الطفل والشركاء الآخرين، تتعقب المنظمة الدولية للهجرة عائلات الأطفال المهاجرين غير المصحوبين وتقدم المساعدة في لم الشمل.

حجي سعيداً بعد أن عرف، بعد إجراء العديد من الاختبارات، أنه يمكنه استخدام طرف صناعي. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة، 2022/كاي فيراي

وفي إطار الدعم الطبي بعد الوصول، ساعدت المنظمة الدولية للهجرة حجي في الحصول على ساق اصطناعية عند وصوله إلى بلده. وبرفقة ممرضات يعملن لدى المنظمة الدولية للهجرة، مر حجي بمراحل التركيب، والصب، وتجريب الساق الاصطناعية. وبعد أسابيع من الانتظار، تلقى أخيراً الطرف الاصطناعي وخضع للعلاج الطبيعي.

"كانت جلسة العلاج الأولى صعبة. لكن ببطء، اعتدت على ساقي الجديدة وأستطيع أن أرى نفسي أقوم بأشياء كنت قادراً على القيام بها قبل أن أفقد ساقي."

كما ستقوم المنظمة الدولية للهجرة بمساعدة حجي على الانتقال إلى منطقته وفتح متجر بالتجزئة كجزء من مساعدته في إعادة الاندماج. فامتلاك متجر يعني أنه يمكنه العمل دون الاعتماد بشكل كبير على المجهود الجسدي، وسيسمح له ذلك بإعالة نفسه وعائلته.

وأضاف حجي: "ما مررت به كان صعباً للغاية. أتمنى لو أنني قادر على إعادة الزمن إلى الوراء. فالأمر لا يستحق أن يخاطر المرء بحياته."

يتم تمويل مبادرة العودة الإنسانية الطوعية التابعة للمنظمة الدولية للهجرة من قبل مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. ويتم تمويل الاستجابة الصحية التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة للمهاجرين في اليمن من قبل الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية وحكومتي ألمانيا وفنلندا.
 

وتتماشى خدمات الحماية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة استجابةً لاحتياجات العائدين مع خطة الاستجابة الإقليمية للمهاجرين في القرن الأفريقي واليمن للعام 2023م. وتهدف خطة الاستجابة الإقليمية إلى تلبية احتياجات المهاجرين الذين يمرون بحالة ضعف والمجتمعات المستضيفة لهم في البلدان الواقعة على طول طريق الهجرة الشرقي بين القرن الأفريقي واليمن.

* تم تغيير الاسم لحماية هوية صاحبه